لعلك تعجب إن علمت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – يحبك .. لكن الحق أنه يحبك ويحبك .. وقال هذا وفعل هذا وإليك الدليل :
1- أنقذك من النار
يوم جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – برسالة الإسلام فأداها وبلغها وبين طريق الجنة ووضح طريق النار .. فلله ورسوله عليك الفضل والمنة في نجاتك من النار فقد أقسم النبي – صلى الله عليه وسلم – قسما فقال " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " صحيح ...
أليس هذا دليل حب بل ولن يرضى النبي – صلى الله عليه وسلم – وواحد من أمته في النار ودلل على ذلك بقوله – صلى الله عليه وسلم – " مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها " صحيح .. وهذا أكبر دليل على اجتهاده في نجاتنا وحرصه على تخليصنا من الهلكات ولجهلنا بقدر ذلك وغلبة شهواتنا وظفر عدونا اللعين بنا صرنا أقل من الفراش
2- وبكى من أجلك
جلس النبي – صلى الله عليه وسلم – يوما يتلو القرآن فتلا قول الله تعالى في إبراهيم " رب إنهن أضللن كثير من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " ثم تلا قول عيسى " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فرفع يديه وقال " اللهم أمتي أمتي " وبكى – صلى الله عليه وسلم – فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – بما قال فأخبر جبريل ربه وهو أعلم فقال الله " يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك " صحيح ...
نعم ..والله بكى من أجلك وخاف عليك وذرفت عيناه أكان يعرفك ؟ أو كان رآك ؟ .. إنه حبه لك فأين حبك له ؟ كم مرة بكيت لما ذكرته أو قرأت اسمه ؟ كم مرة نزلت دموعك شوقا إليه ؟ كم مرة تحسرت لما عصيته وخالفت أمره ؟ يا لقسوة قلبك وقحط عينك !!
3- أولى بك من نفسك
قال تعالى " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " الأحزاب 6 .. وقال – صلى الله عليه وسلم – " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم , من توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه " صحيح .. لا يفعل ذلك إلا من يحبك بل إن نفسك تدعوك للهلاك وهو – صلى الله عليه وسلم – يدعوك للنجاة .. فهو حقا أولى بك من نفسك
4- الشفاعة والحوض
ومن علامات محبته – صلى الله عليه وسلم – لنا أنه لم يصرف دعوته المستجابة لنفسه بل خبأها حتى تنال أنت منها حين يشفع لأمته حين يغرق الكل في بحور الذنوب فينقذنا – صلى الله عليه وسلم – بقوله " خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة .. أترونها للمتقين ؟ لا ولكنها للمذنبين الخطائين " صحيح .. فهو الرحمة التي بعثت للعالمين " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " نعم فلقد أخذ بيدك في الدنيا ووعدك باللقاء على حوضه الذي قال عنه – صلى الله عليه وسلم – " حوضي مسيرة شهر وزوياه سواء وماءه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ أبدا " صحيح ..
ولكن إياك أن تكون ممن يُرد عن الحوض بعد أن يعرفك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتعرفه ثم يحال بينك وبينه بعد سماع " إنك لا تدري ما عملوا من بعدك " فتحل كلمة كالصاعقة " سحقا سحقا لمن بدل بعدي " وفي رواية " إني فرطكم على الحوض وإني مكاثر بكم الأمم فلا تسودوا وجهي " صحيح .. فبالله عليك إياك أن تسود وجه النبي الكريم يوم أن يكاثر بنا الأمم
5- يشتاق إليك
ولأنه – صلى الله عليه وسلم – يحبك فقد تمنى أن يراك فقال " وددت لو أني لقيت إخواني فقال له أصحابه أو ليس نحن إخوانك قال أنتم أصحابي ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني " صحيح .. أرأيت .. أنت من إخوانه وهو والله يحبك فحرك قلبك واشتق إليه وبادله حبا بحب
6- من أجلي ومن أجلك
قام إلى الدعوة لما قيل له " قم " فما استراح ... كابد حر مكة الملهب ورمالها الحارقة ... رُمي بالسحر والجنون والسفه والافتراء فاحتمل ... قُذف بالحجارة حتى دمت قدميه الشريفتين فصبر ... وضِع سلا الجذور على ظهره وخُنق بالثوب في صحن الكعبة فصبر ... دُفع من على ناقته فسقط يتلوى من الألم فصبر ... كُسرت رباعيته وشُج رأسه ووقع في الحفر يوم أحد فصبر ... رماه المنافقون المجرمون في عرض زوجته الشريفة فصبر ... بصق أحد الهالكين في وجهه الشريف وهو يكذبه فصبر ... من أجلي ومن أجلك
وأخيرا ... لما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حنّ إليه وصاح كما يصيح الصبي . فنزل إليه واعتنقه وقال " لو لم احتضنه لحنّ إلى يوم القيامة "... خشبة تحنّ إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنت ألست أحقا بأن تحنّ وتشتاق إليه ؟!
فعليك بكمال الإيمان لقوله – صلى الله عليه وسلم - " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " نعم فرضاه مقدم على رضا نفسك .. وطاعته مقدمة على طاعة نفسك وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان " منها " أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما "
والله أعلم