معركة ذات الصواري البحرية في سطور...

وقتها:
كانت سنة هـ قائد أسطول المسلمين: عبد الله بن أبي السرح في مائتي سفينة. قائد أسطول الروم: قسطنطين بن هرقل ملك الروم.
سبب المعركة :
كان المسلمون قد وصلوا بفتوحاتهم إلى الشام فدخلوها ونشروا فيها الإسلام واستطاعوا بفضل من الله طرد الروم منها وملكهم هرقل ، ثم بعد ذلك توجه الجيش الإسلامي ففتح مصر بقيادة عمرو بن العاص وطردوا الروم منها أيضا. وظل المسلمون مستمرين في فتوحاتهم ونشر دين الله في الأرض حتى استطاعوا إخضاع إفريقية كلها إلى الحكم الإسلامي وزال بذلك حكم الروم عنها .
فلما مات هرقل وتولى ابنه قسطنطين بن هرقل حكم الروم أراد أن ينتقم لفتح إفريقيا وهزيمة الروم فيها فأراد أن يوقع بالمسلمين في حرب بحرية، لظنه أن المسلمين لا يجيدون ركوب البحر والقتال فيه، فحشد كل ما استطاعه من الجنود وصنع ما قدر عليه من السفن واستعد للإتيان إلى ديار المسلمين لقتالهم والانتقام منهم بلغت الأخبار عبد الله بن أبي السرح الذي كان واليا على إفريقية من قبل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأخبر بذلك عثمان رضي الله عنه فأمره بالاستعداد لقتالهم وبناء السفن الازمة لذلك وحث المسلمين على الجهاد والتضحية والدفاع عن الإسلام وأهله.
أحداث المعركة:
تحركت قوت قسطنطين باتجاه شاطيء كليكلة ، واستعد أسطول المسلمين كذلك والتقى الأسطولان في البحر وكانت الريح على الأسطول الإسلامي فأرسوا ساعة فلما سكنت الريح قال المسلمون: الأمن بيننا وبينكم، قالوا: ذلك لكم ولنا منكم، ثم قال المسلمون إن أحببتم القتال في الساحل حتى يموت الأعجل منا ومنكم، وإن شئتم القتال في البحر .
فنخر الروم نخرة واحدة وقالوا: بل الماء. بات الروم يضربون بالنواقيس وبات المسلمون يصلون ويدعون الله، ثم أصبحوا وقد أجمع قسطنطين على القتال فقربوا سفنهم وقرب المسلمون فربطوا بعضها إلى بعض، وصف عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن وجعل يأمرهم بقراءة القرآن ويأمرهم بالصبر، ووثب الروم في سفن المسلمين على صفوفهم حتى نقضوها فكانوا يقاتلون على غير صفوف، فاقتتلوا قتالا شديدا وصبر المسلمون يومئذ صبرا لم يصبروا مثله في موطن قط، وقتل من المسلمين بشر كثير، وقتل من الروم ما لا يحصى، ثم إن الله أنزل نصره على المؤمنين فقتلوا من الروم مقتلة عظيمة حتى لم ينج منهم إلا القليل، وانهزم قسطنطين جريحا، وكانت معركة عظيمة غلب الدم فيها على الماء وألقت الأمواج جثث الرجال إلى الساحل حتى صارت مثل الجبل العظيم وكان ذلك قرب شواطئ (كليكلة).
بعد المعركة :
انتهت المعركة مخلفة وراءها حوالي عشرين ألف جثة من الجنود البيزنطيين وحوالي خمسة آلاف من المسلمين. أقام عبد الله بن سعد بذات الصواري بعد الهزيمة أياما ورجع وأطلقوا على المكان الذي وقعت فيه المعركة اسم ذات الصواري تخليدا لذكرى هذه المعركة العظيمة.
وكان قسطنطين قد سار في مركبه إلى صقلية فسأله أهلها عن حاله فأخبرهم فقالوا: أهلكت النصرانية وأفنيت رجالها، لو أتانا العرب لم يكن عندنا من يمنعهم، ثم أدخلوه الحمام وقتلوه، وتركوا من كان معه في المركب وأذنوا لهم في المسير إلى القسطنطينية.
وقفات مع المعركة:
المتتبع لأحداث المعركة، يرى قدرة المسلمين على أخذ المبادرة من البيزنطيين سادة البحر، وتقريب السفن إلى بعضها وربطها بسفن العدو لكي يتحول القتال من قتال بحري إلى معركة برية ويكون ظهر السفن المتشابكة ساحة للقتال البري الذي رفضه الروم وأصر عليه المسلمون، وهذا الأمر قد أبرم بليل من قبل المسلمين حتى إن قسطنطين لما حول المسلمون المعركة البحرية إلى برية قال: غلبت الروم. ومن سياق أحداث المعركة يتضح أن السفن جميعها كانت على مسافة غير بعيدة عن الشاطئ، فقذف الموج للجثث بسرعة إلى الشاطئ وقد رآها المسلمون بأم الأعين حتى صارت مثل الجبل العظيم وغلب الدم على لون الماء.. .