[frame="1 80"]يقول تعالى ( قل هو من عند أنفسكم )
واليوم كثيرا ما يجتمع أهل الخير والغيرة فينا ، فيتحدثون في شؤون العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه ، مستعرضين العذابات والآلام التي يعيشها ذلك العالم ، ثم ينفض المجلس بعد ذلك عن مثل ما اجتمع عليه دون أن يكون قد تغير شيء من ذلك الحال ، وهذا في البداية يدل على أنه ما زال فينا – رغم ما أصابنا – بعض الأوتار الحية ، ولكن النظر ينبغي أن ينصرف باستمرار إلى النتائج حتى لا ينطبق علينا المثل القائل : ( أوسعتهم سَبّاً وأودوا بالإبل ) .
إننا حين نُشرِّق ونُغرِّب ، نتجاوز أمرين مهمين :
الأول : هو أنفسنا ، إذ أن الحقيقة الماثلة أمام المسلمين إن كانوا متخلفين فنحن جزء منهم ، وأعمالنا ومواقفنا جزء من واقع التخلف ، فإذا أردنا أن نقوم بعمل شيء ذي شأن فليتعاقد وليتعاهد الذين يبحثون شؤون العالم - وهم متكئون على الأرائك الوثيرة - على محاربة أنماط من السلوكيات الخاطئة مثل الترف والكسل والفوضى والسلبية والأنانية إلى آخر ما يفيض به معجم الوهن من ألفاظ ... فذلك أجدى من كلام كثير لا يشبع جائعا ، ولا يعلم جاهلا ، ولا يرفع لذليل رأسا .
الثاني : الوسط العام الضيق الذي نعيش فيه ، حيث أننا دائمو الشكوى من كثرة أنواع القصور التي تلُف العالم الإسلامي ، وبدلا من الحسرة والألم من كثرة إعراض الناس عن صلاة الجماعة –مثلا – بإمكاننا أن نزور أحد جيراننا لنبني معه علاقة اجتماعية طبية نمرر من خلالها عددا من الأفكار ، من جملتها الحرص على أداء الصلاة مع الجماعة ، ثم متابعة ذلك دون كلل أو ملل ، وبهذا نكون قد أوقدنا شمعة ، وأضفنا إلى رصيد المسلمين نقطة ، ولا ينبغي أن يُفهم من هذا أننا ندعو إلى عدم الاهتمام بشؤون المسلمين ، وإنما المراد أن نركز اهتمامنا على ما يمكن تغييره نحو المنشود .
ولا ينبغي أن ننهي المقال هذا قبل الوقوف على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال : " سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، ... وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فرد عليّ " . إن كل أنواع الاعتداءات التي وقعت على هذه الأمة من خارجها كانت نتيجة استعداد لدينا لقبول العدوان ، وإن من دولنا وشعوبنا من ازدادوا سوءا بعد خروج المستعمر ..!!
إننا نعاني في حياتنا العامة من نقص في الفهم ونقص في التربية ، وقصور في الحيوية وقصور في الالتزام ، وحين نتلافى هذه الفنون من الوهن والضعف فإنه لن يضرنا كيد المستعمرين ولو اجتمعوا من أقطارها . ولله الأمر من قبل ومن بعد .
[/frame]